وزارة الداخلية أوقفت مجموعة من المنتخبين عن ممارسة مهامهم ببعض الجماعات المحلية واحالت تقاريرها على القضاء الإداري لعزلهم ،يتعلق الأمر برؤساء جماعات ونوابهم ومستشارين هي خطوة لايمكن إلا تثمينها واعتبارها تتجاوب مع مطالب المجتمع الهادفة إلى تخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
لكن نتمنى ان نرى المفتشية العامة للداخلية والتي اعتمدت تقاريرها في عزل بعض المنتخبين تقوم بأدوارها على قدم المساواة بين الجماعات وان لاتستثني جماعات محظوظة يتولى تسييرها أشخاص لهم سلطة ونفوذ وعلاقات متشعبة ونذكر هنا بالخصوص (جماعة أكادير ،جماعة تارودانت ،جماعة مراكش )، اذ يجب أن يخضع الجميع على قدم المساواة للقانون دون اي تمييز، ومن دون شك فإن تلك التقارير المنجزة لن يكون لها معنى إذا اقتصرت على تحريك مسطرة العزل دون إحالتها على النيابة العامة لتحريك المتابعات الجنائية ضد المتورطين في جرائم المال العام، متابعات ستكون بدورها قاصرة مالم يعقبها تحريك مسطرة الإشتباه في غسل الاموال وحجز ومصادرة ممتلكاتهم ،ذلك ان هناك منتخبون ظهرت عليهم معالم الثراء الفاحش بعدما كانوا لايملكون أي شيء واستعملوا كل الأساليب وتطاحنوا من أجل تولي المسؤولية العمومية واستغلال ذلك لقضاء المصالح الشخصية والإستفادة من الريع وبيئة حاضنة للفساد لجمع الثروة المشبوهة.
يوجد أيضا في بعض الجماعات موظفون “كبار” يشكلون العلبة السوداء لتلك الجماعات يعرفون كل تفاصيلها، كانوا إلى عهد قريب مجرد اشخاص بسطاء لايملكون حتى السكن يعيشون على الكفاف وقهرتهم القروض الإستهلاكية، لكن بعد ذلك ومع الوقت تعلموا الحرفة جيدا وأسسوا شبكات من العلاقات المصلحية بفضل مواقعهم (أقسام التعمير ،الرخص الإقتصادية وغيرها ،أقسام الصفقات والميزانية …)، وهكذا وبسرعة البرق ظهرت عليهم معالم الثروة وتحولوا إلى أثرياء يلعنون ايام الفقر والحاجة ، فئة من الموظفين تتعمد أن لا تثير انتباه احد من خلال تعمد الظهور بملابس عادية جدا “الجوطية” واعتماد خطاب الدروشة والتشكي من الأوضاع وظروف العمل !!
هم موظفون امتهنوا “الجزارة” ويطلق عليهم “المنشار ” طالع واكل نازل واكل ، يرفضون كل محاولات اصلاح الادارة بل ويعرقلون كل الخطوات الرامية إلى ذلك وفي مكتبهم تجد عبارة ” الإدارة في خدمة المواطن “،يعمقون الفساد والريع في الحياة العامة ويشكلون إلى جانب آخرين في الجماعات المحلية والسلطة شبكات لمقاومة أي إصلاح.
على وزارة الداخلية ان تقوم بدورها في تفكيك شبكة الموظفين المتغولين والذين راكموا ثروات مشبوهة ومنهم من اصبح يملك عقارات واموال طائلة ، وذلك باحالة التقارير على النيابة العامة لتحريك المتابعات الجنائية بما في ذلك تحريك مسطرة الاشتباه في غسل الاموال وحجز ممتلكاتهم وأموالهم ومصادرتها لفائدة الدولة.
محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام.