محمد الطالبي
مات جمال براوي عاش جمال براوي…
نعم هكذا لأن اللغة القاصرة لم تجد بعد بكلام يفي بالغرض.
هكذا في غفلة من الجميع، ترجل فارس الكلمة الحرة والعمق الانساني النبيل، ارتقى جمال غير بعيد فينا فهل يهرب الظل من ظله ؟؟
لاندعي الحب والأحاسيس النبيلة و لا ندعي اننا أعطيناه ما يستحق لأن جمال الدين أعطى الكثير، وكان اكبر من أن يطلب مقابل الجميل جميلا.
لن نتطاوس عبر الكلام و استجداء اللغة للقول بأن جمال باق فينا
أخا صديقا مربياً موجها ذكياً
في الحياة و السياسة و الصحافة والحياة الانسانية .
نعم قد يكون مات التروتسكي و ارتقى، ولكن جمال الإتحادي النبيل سيضل حيا في أعماق الأوفياء من عموم الناس ومن له شبهة دين فرقبتي ورقبة رفاق الدرب الأوفياء نقدمها لنسد بعض الدين.
عرفت جمال براوي كحلم كبير آت من غياهب الإنسانية سيبق قوله المأثور خالداً في ذاكرة رفاقه: (قبل أن تناضل او تقاوم.:كون غا بنادم بعدا )،أي ببساطة كن إنسانا قبل كل شيء.
( وبلغة صديقي الكبير، كان جمال من وثق بنا كشباب و أفق و كان يردد فينا حين اي نقاش هادشي،كان ديما جمال )ومنذ كنت أخطو في بدايات مسيرتي في الجامعة كان نعم الموجه الصارم من أجل التشبت بالقيم والمبادىء قبل كل شيء.
حدثنا في الحراك الطلابي ودور الجامعة في التغيير ..
علمنا في الشبيبة أن نكون قريبين من الشباب وأن نكون متمردين ومتطلعين من أجل دفع عجلة الحزب التي تتأثر أيضا بفعل الزمن.
وحين جاءت ،ذات 2003 ، ضربة إرهابية غاشمة هزت بلدا لم يشهد ابدا قتلا على الهوية ولا على الاختيار ولا على الاختلاف .
ولأن الموت أخطئه في 16 ماي حين تغيب عن لقاء برمجه في ذلك اليوم الأسود مع الراحل بكار لأجل عيون اسفي التي عشقها …
استنفرنا جمال ليضع الأصبع على الجرح .
والخلاصة أن الإرهاب نتجة طبيعية لسيادة خطاب التطرف والعنصرية والكراهية ،وكانت بذلك منظمة بهذا المعنى، دفاعا عن الحق في الاختلاف والحوار و القبول بالاخر واعتبار الانسان انسان وفقط.
وفي السياسة دعم فكرة الاشتراكيون الجدد التي انطلقت بعدد من الرفاق منهم الراحلة ليلى الوادي، ولا تهم التفاصيل لأن هذا تاريخ للناس وليس للتباهي مادام العطاء خالص لأجل القيم .
قاوم جمال في المهنة التي خبر دروبها وعاش تموجاتها وكانت الصحافة أكبر من مهنة أو وظيفة بل رسالة لأجل الحقيقة والوطن والإنتصار للناس باحترام صارم لأخلاقيات المهنة …
كثيرون قد يأتون اثم الكتابة عن جمال مثلي ولكن تأكدوا أن جمال حي يراقبكم .
ما أعرفه و ما عشته مع الاخ الكبير بل الأب لأنه كان يردد كثيرا في حضرتي: (هذا راه ولدي )
قليل جدا بل و نزر ما عشته لأن جمال كان جامعة مفتوحة للجميع من كل الاطياف و من كل الطيف و من الناس .
لا أعرف و لا اوجه وانا في اخر ترتيب صداقات جمال ورفاق جمال واخوة جمال واحباب جمال اننا وخاصة من زملاء وزميلات ورفاق بلاحدود كيف نترك جامعة جمال مفتوحة دفاعا عن الاخلاق وعن الحرية والتعددية وضد العنصرية والتطرف ومن أجل الانسان .
واذ أنحني إجلالا أمام تضحيات زوجته الفاضلة طيلة المسار الذي عرفناها مربية فاضلة لأبنائها وحارسة الحصن و الجدار الذي (تمترس) خلفة جمال ، ونعتذر منك سيدتي فقد اتعبناكم بالضيافة وبشغبنا ونقاشاتنا التي لم تنتهي الا لتبدأ و وقفتك البطولية نيابة عن الجميع .
وللصغيرة ياسمين رمز الكفاح واستمرارية جمال فوق الأرض أقول لن تكوني يتيمة ابدا في وجود أخويك سلمان و ياسين البارين بك وبطبيبة الفقراء..
فهما حضن دافء من النبع البراوي وآل موميل من جهة الوالدة ستكونين في أمان وفي حماية جمال الحي فيك وفينا للأبد.
فانت مشمولة اليوم بهذا العطف الإنساني المغربي رسميا وقد قالت الرسالة الملكية كل شيء عن جمال كما لم يعرف حتى المقربون أو المتقربون على حد سواء.
معذرة ان تطاولت في الكلام عنك اخي جمال.
وكما قال الكبير أحمد فؤاد نجم :
لا تبكِي فأحزانُ الصِغَرِ
تمضي كالحُلمِ مع الفجرِ
وقريباً تكبُرُ يا ولدي
وتريدُ الدمْع فلا يجري
إن سَهِرَت أمطارٌ معنا
أو غطى البردُ شوارعنا
فالدِفءُ يُعمِّرُ أضلُعَنا
ولهيب الأرضِ بنا يسري
وشموسُ رفاقِك آتيةٌ
وستشرقُ من غضبِ الفقرِ
لا تبكِي لا يا ولدي
قد أُرمى خلف الجُدرانِ
وتحِنُّ لحُبي وحناني
فانظر في قلبِك ستراني
لن يقوى القيْدُ على الفِكرِ
وإذا ما الدهرُ بنا دارَ
ومضيْتُ إلى حيثُ أُوارى
أكمِلْ من بعدي المشوارَ
لا تُخلِف ميعاد الفجرِ
لن يسْقِيَ دمعٌ الأشجارَك
لا تخشى النارَ من الجمْرِ
لا تبكِي لا يا ولدي
سأضُمُّك والصدرُ جريح
وسأعشقُ والقلبُ ذبيح
مهما عصَفَت ضِدّي الريح
لن أحنِيَ في يومٍ ظهري