بقلوب يعتصرها الألم والحزن وعيون تملؤلها الدموع ونفوس صابرة محتسبة، تنعي النقابة الوطنية للصحافة المغربية للجسم الإعلامي ببلادنا وللشعب المغربي رحيل واحد من كبار أبناء هذه المهنة، الصحافي المتفرد جمال براوي، الذي وافته المنية فجر هذا اليوم الاثنين 22 غشت 2024 بمستشفى الشيخ خليفة في الدار البيضاء بعد صراع طويل مع المرض.
وبهذه المناسبة الأليمة، وبعد تعزية أنفسنا في فقدان هذا الهرم الإعلامي الكبير، تتقدم النقابة الوطنية للصحافة المغربية بخالص العزاء إلى أسرته الصغيرة وعائلته الإعلامية الكبيرة، سائلة الباري عز وجل أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
إن رحيل جمال براوي سيخلف بلا شك فراغا كبيرا بيننا، وعزاءنا في ذلك هو أننا
سنظل جميعا نتذكر مواقفه الثابتة، والتي دافع من خلالها باستماتة عن الدور الجوهري لهذه المهنة في بناء المجتمع.
لقد كان منافحا صلبا ومدافعا لا يتزعزع عن أهمية الإعلام في تعزيز البناء الديمقراطي ببلادنا.
لقد كرس الفقيد جمال براوي حياته بالكامل للانخراط الدائم والمستمر في معارك النهوض بمشهد إعلامي يليق بمكانة بلادنا.
لم يكن الراحل يهتم بمصير المعارك التي خاضها، بل كان همه الأكبر هو الانحياز الدائم لجوهر المهنة، مؤمنا بدورها الأساسي في المساهمة في التغيير والمراقبة والتتبع والتشخيص بل واقتراح الحلول. ورغم التحديات الكبيرة، كان يبسط تفاؤله بمستقبل الصحافة والاعلام، محافظا على إيمانه الراسخ بقدرتها على تجاوز الأزمات والاضطلاع بدوره المحوري في خدمة المجتمع.
يعد الفقيد جمال براوي نموذجا حيا للصحفي المنخرط في الميدان، حيث كان دائما في طليعة كل معارك الوطن. لم يتردد يوما في تبني القضايا التي قد تبدو خاسرة في ظاهرها، مدفوعا بإيمانه العميق بضرورتها وأهميتها. كان يؤمن بشكل راسخ بأن التراكم هو السبيل لتحقيق التطور والتقدم، وأنه من خلال المثابرة والإصرار يمكن للإعلام أن يلعب دوره في إحداث التغيير الحقيقي.
لقد كان مثالا للصحفي الذي لا يخشى مواجهة التحديات من أجل المبادئ التي آمن بها.
ظل جمال براوي بالرغم من ظروفه الصحية الصعبة حاضرا في المشهد الإعلامي والسياسي بالتحليلات الرزينة والتعليقات الرصينة على ما تعرفه المهنة والبلاد من أحداث، كان صوته، وإن أرهقته الظروف، يرفض الاستسلام أو الانسحاب، وظل يكافح ليبقى حاضرا في الساحة الإعلامية. لقد تنقل بين عدة منصات إعلامية، مجددا حضوره المميز واللافت، مضفيا على النقاشات العمق والوضوح، مما جعل غيابه يشكل خسارة لا تعوض.
رحم الله هذا الفارس الذي ترجل عن صهوة الحياة بعد سنوات من العطاء الإعلامي والسياسي بكل الصبر الممكن . راجين من الله القدير أن يمن عليه بالرحمة والثواب العظيم