أجرى الحوار: فاروق العلمي
عززت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ إطلاقها من قبل الملك محمد السادس سنة 2005، رسوخها على الصعيد الترابي في عدة مجالات منها على الخصوص التعليم و الصحة و ريادة الأعمال.
ففي إقليم مولاي يعقوب، التابع لجهة فاس-مكناس، أطلقت المبادرة برامج شملت مختلف المجالات لتفرض نفسها كفاعل اجتماعي لا محيد عنه.
وسواء تعلق الأمر بالتعليم أو الصحة أو ريادة الأعمال، تحضر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على جميع الجبهات. وفي هذا الإطار، يتطرق رئيس قسم العمل الاجتماعي بإقليم مولاي يعقوب، سعد الدين جيلاني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، للإنجازات المتعددة لهذه المبادرة وأثرها الإيجابي على الظروف المعيشية لسكان هذا الإقليم، شبه القروي.
1. منذ إطلاقها، ساهمت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إلى حد كبير في تعزيز عرض التعليم الأولي وتحسين جودة التعليم في الإقليم. هل لكم أن توضحوا لنا دور المبادرة في هذا المجال على صعيد إقليم مولاي يعقوب؟
لعبت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ إطلاقها، دورا حاسما في تحسين وتعزيز العرض التربوي، لاسيما في الجماعات القروية لإقليم مولاي يعقوب. ويتعين، هنا، تسليط الضوء على عدد من تدخلات المبادرة في هذا الإطار:
ويتعلق الأمر، في المقام الأول، بالمساهمة في تعميم التعليم الأولي في الوسط القروي من خلال برمجة 174 وحدة، من بينها 153 وحدة دخلت حيز العمل وتستقطب أزيد من 2121 طفلا برسم السنة الدراسية 2023/2024. وقد مكن ذلك من توسيع الولوج إلى التعليم الأولي إلى حد كبير، ووضع أسس تعلم مبكر ذي جودة.
ووعيا منها بأهمية الولوج للتعليم، عملت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على تعزيز عرض النقل المدرسي من خلال توفير 92 حافلة، حيث يمكن لتلاميذ مختلف الجماعات التابعة للإقليم الوصول بشكل أسهل للمؤسسات المدرسية، وهو ما يساهم في تقليص نسبة الهدر المدرسي وتعزيز تمدرس الفتيات في الوسط القروي.
ويمكن أن نذكر أيضا إحداث مركزين لفائدة الأطفال والشباب، يوفران للتلاميذ فضاء ملائما لاستكشاف مواهبهم والانخراط في أنشطة موازية غنية، مما يسهم في تعزيز تطورهم الشخصي والاجتماعي.
وعلاوة على ذلك، واستجابة للاحتياجات المحددة في مجال التعلمات، قامت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبادرات للدعم المدرسي لفائدة تلاميذ التعليم الابتدائي الذين يجدون صعوبات في هذا المجال. وتروم هذه المبادرات مواكبة التلاميذ وضمان تكافؤ الفرص في المجال التربوي.
2 ـ كيف عملت المبادرة على تنزيل برنامجها لتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب على مستوى إقليم مولاي يعقوب؟
يعد دعم ريادة الأعمال لدى الشباب إحدى أولويات المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. ويكمن تفرد هذا البرنامج في مقاربته المبتكرة في منظومة مواكبة ريادة الأعمال، والتي تتمثل في تتبع حاملي المشاريع قبل إحداث المشاريع وبعده.
ويوجد تطوير المقاولات التي يسيرها الشباب في صلب اهتمامات هذا المشروع الملكي، حيث يتوفر إقليم مولاي يعقوب، على غرار باقي الأقاليم، على منصة للشباب، وهي بمثابة فضاء يتم فيه استقبال شباب الإقليم والانصات إليهم وتوجيههم، كما يتم إجراء مقابلات لتقييم احتياجات الشباب حاملي المشاريع ومواكبتهم في مجال ريادة الأعمال.
وإذا كانت العملية تتم وفق تأطير جيد من خلال مواكبة قبلية لإحداث المقاولات بشهرين، بمجموع زمن لا يقل عن 40 ساعة ومواكبة بعدية تستمر من سنة إلى سنتين، فقد قمنا، على مستوى إقليم مولاي يعقوب، بتكييف هذا البرنامج من خلال اعتماد مقاربة تراعي الخصوصيات المجالية للمنطقة، التي يغلب عليها الطابع القروي.
ويعتمد المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول المقاولة الاجتماعية، الذي يقدم الدعم في مجال ريادة الأعمال بهذه المنطقة، مقاربة ترتكز على القرب وتنمية مهارات حاملي المشاريع. ففي مرحلة ما قبل التأسيس، ينصب التركيز على تطوير المهارات الشخصية وما يتعلق بريادة الأعمال والتفاعل الشخصي لحاملي المشاريع. في حين يتم التركيز، خلال المرحلة ما بعد إنشاء المقاولات، على تعزيز قدرات ريادة الأعمال وتطوير المهارات المتعلقة بالتسيير بهدف تحسين تطوير المقاولات الناشئة.
وقد تمكنا، خلال السنوات الثلاث للبرنامج (2021 إلى 2023)، من دعم 291 شابا في مرحلة ما قبل إحداث المقاولات، بينهم 91 شابا حصلوا على تمويل من طرف اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية ويتم، في الوقت الراهن، تتبعهم في مرحلة ما بعد الإنشاء.
وتبلغ نسبة النساء حاملات المشاريع التي تتم مواكبتها 17 في المائة، وهي نسبة لا يستهان بها بالنظر إلى الطبيعة القروية للإقليم. وفي ما يتعلق بالقوانين التأسيسية، فقد اختار 59 من حاملي المشاريع نظام المقاول الذاتي، بينما يزاول 15 وفق نظام الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شريك وحيد، و9 بنظام الشركة ذات المسؤولية المحدودة، و8 في إطار تعاوني.
وبلغ عدد فرص العمل التي تم إحداثها في إطار هذه الدينامية المقاولاتية 239 فرصة عمل، حيث يعمل هؤلاء الشباب، على الخصوص، في قطاعات الفلاحة والخدمات والصناعة التقليدية.
وتجدر الإشارة إلى أن الإنجازات التي تحققت، في إطار هذا البرنامج، كان يمكن أن تكون أكثر من ذلك لولا تباطؤ الأنشطة بسبب أزمة كوفيد-19.
3 ـ كيف يعود التزام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالنفع على جهود تحسين صحة الأم والطفل على مستوى إقليم مولاي يعقوب، علما أن الأمر يتعلق بمحور أولوي في هذا الورش الملكي الهام؟
يتجسد التزام المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة صحة الأم والطفل في الإقليم، من خلال سلسلة من الإجراءات والمشاريع المحددة، ما يعكس الأولوية التي يحظى بها هذا المحور الجوهري. وتتضمن الاستراتيجية التي اعتمدتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لتحسين صحة الأمهات والأطفال عدة مكونات هامة، وفي مقدمتها تجهيز المراكز الصحية بالمعدات الطبية والطبية الحيوية، وذلك بهدف تحسين نوعية الخدمات الصحية المقدمة للحوامل والأطفال.
وتعمل المبادرة أيضا على توفير سيارات للإسعاف بالمراكز الصحية، لا سيما تلك التي تضم أجنحة للولادة، بهدف تحسين الولوج إلى خدمات الطوارئ وضمان تدخل سريع في حالة حدوث مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة.
كما يتم تنظيم حملات للتوعية بانتظام في جميع أنحاء الإقليم، لتوعية السكان وتثقيفهم بشأن الممارسات الصحية الجيدة. وتهدف هذه المبادرات إلى تغيير السلوك في ما يتعلق بصحة الأم والطفل وتشجيع النساء الحوامل على تتبع ومواكبة الحمل بشكل منتظم.
ولتحقيق هذه الغاية، قامت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإحداث مراكز دار الأمومة في جماعتين بالإقليم، بالنظر إلى دور هذه الدور الحيوي لاسيما في مجالات صحة وتغذية الأم والطفل. وتلعب هذه المؤسسات دورا أساسيا في تنمية الطفولة المبكرة، وتهدف إلى تقديم خدمات عالية الجودة للسكان المستهدفين.
كما أطلقت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عملية لتوزيع ألف و200 حقيبة صحية برسم سنة 2024، موجهة خصيصا للنساء اللاتي وضعن في دور الولادة، لتشجيع الولادة في فضاء خاضع للإشراف.